الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
(قوله: والعدة) أي وتثبت العدة فيه وجوبا بعد الوطء في النكاح الفاسد لا الخلوة كما في القنية إلحاقا للشبهة بالحقيقة في موضع الاحتياط ولو اختلفا في الدخول فالقول له فلا يثبت شيء من هذه الأحكام كما في الذخيرة ولم يبين المصنف ابتداءها للاختلاف فيه، والصحيح أنه من وقت التفريق لا من آخر الوطآت؛ لأنها تجب باعتبار شبهة النكاح ورفعها بالتفريق كالطلاق في النكاح الصحيح ولا إحداد عليها في هذه العدة ولا نفقة لها فيها؛ لأن وجوبها باعتبار الملك الثابت بالنكاح وهو منتف هنا والمراد بالعدة هنا عدة الطلاق، وأما عدة الوفاة فلا تجب عليها من النكاح الفاسد ولو كانت هذه المرأة الموطوءة أخت امرأته حرمت عليه امرأته إلى انقضاء عدتها كذا في فتح القدير وظاهر كلامهم أن ابتداءها من وقت التفريق قضاء وديانة وفي فتح القدير ويجب أن يكون هذا في القضاء أما فيما بينهما وبين الله تعالى إذا علمت أنها حاضت بعد آخر وطء ثلاثا ينبغي أن يحل لها التزوج فيما بينها وبين الله تعالى على قياس ما قدمنا من نقل العتابي ا هـ. ومحله فيما إذا فرق بينهما أما إذا حاضت ثلاث حيض من آخر الوطآت ولم يفارقها فليس لها التزوج اتفاقا كما أشار إليه في غاية البيان وظاهر كلام الزيلعي يوهم خلافه والتفريق في النكاح الفاسد إما بتفريق القاضي أو بمتاركة الزوج ولا يتحقق الطلاق في النكاح الفاسد بل هو متاركة فيه ولا تحقق للمتاركة إلا بالقول إن كانت مدخولا بها كقوله تاركتك أو تاركتها أو خليت سبيلك أو خليت سبيلها أو خليتها، وأما غير المدخول بها فتتحقق المتاركة بالقول وبالترك عند بعضهم وهو تركها على قصد أن لا يعود إليها وعند البعض لا تكون المتاركة إلا بالقول فيهما حتى لو تركها ومضى على عدتها سنون لم يكن لها أن تتزوج بآخر وإنكار الزوج النكاح إن كان بحضرتها فهو متاركة وإلا فلا كإنكار الوكيل الوكالة، وأما علم غير المتاركة بالمتاركة فنقل في القنية قولين مصححين الأول أنه شرط لصحة المتاركة هو الصحيح حتى لو لم يعلمها لا تنقضي عدتها ثانيهما إن علم المرأة في المتاركة ليس بشرط في الأصح كما في الصحيح ا هـ. وينبغي ترجيح الثاني ولهذا اقتصر عليه الزيلعي وظاهر كلامهم أن المتاركة لا تكون من المرأة أصلا كما قيده الزيلعي بالزوج لكن في القنية أن لكل واحد منهما أن يستبد بفسخه قبل الدخول بالإجماع وبعد الدخول مختلف فيه وفي الذخيرة ولكل واحد من الزوجين فسخ هذا النكاح بغير محضر من صاحبه عند بعض المشايخ وعند بعضهم إن لم يدخل بها فكذلك وإن دخل بها فليس لواحد منهما حق الفسخ إلا بمحضر من صاحبه ا هـ. وهكذا في الخلاصة، وهذا يدل على أن للمرأة فسخه بمحضر الزوج اتفاقا ولا شك أن الفسخ متاركة إلا أن يفرق بينهما وهو بعيد والله سبحانه وتعالى أعلم ومن أحكام العقد الفاسد أنه لا يحد بوطئها قبل التفريق للشبهة ويحد إذا وطئها بعد التفريق كذا في البدائع وغيره وظاهره أنه لا فرق فيه بين أن يكون في العدة أو لا ولم أره صريحا. (قوله: ومهر مثلها يعتبر بقوم أبيها إذا استويا سنا وجمالا ومالا وبلدا وعصرا وعقلا ودينا وبكارة) بيان لشيئين: أحدهما أن الاعتبار لقوم الأب في مهر المثل لقول ابن مسعود رضي الله عنه لها مهر مثل نسائها وهن أقارب الأب ولأن الإنسان من جنس قوم أبيه وقيمة الشيء إنما تعرف بالنظر في قيمة جنسه ولا يعتبر بأمها وخالتها إذا لم يكونا من قبيلتها لما بينا. ثانيهما أنه لا بد من الاستواء في الأوصاف المذكورة؛ لأن المهر يختلف باختلاف هذه الأوصاف، وكذا يختلف باختلاف الدار والعصر أي الزمان، وقد ذكر المصنف ثمانية أشياء وأراد بالسن الصغر أو الكبر وأطلق في اعتبار الجمال والمال، وقيل لا يعتبر الجمال في بيت الحسب والشرف، وإنما يعتبر ذلك في أوساط الناس إذ الرغبة فيهن للجمال بخلاف بيت الشرف وفي فتح القدير، وهذا جيد. ا هـ. والظاهر اعتباره مطلقا وأراد بالدين التقوى كما ذكره العيني وزاد في التبيين على هذه الثمانية أربعة وهي العلم والأدب وكمال الخلق وأن لا يكون لها ولد وزاد المشايخ بأنه يعتبر حال الزوج أيضا وفسره في فتح القدير بأن يكون زوج هذه كأزواج أمثالها من نسائها في المال والحسب وعدمهما. ا هـ. وينبغي أن لا يختص بهذين الشيئين؛ لأن للجمال والبلد والعصر والعقل والتقوى والسن مدخلا من جهة الزوج أيضا فينبغي اعتبارها في حقه أيضا؛ لأن الشاب يتزوج بأرخص من الشيخ، وكذا المتقي بأرخص من الفاسق، وأشار بقوله مالا إلى أن الكلام إنما هو في الحرة، ولذا قال في شرح الطحاوي والمجتبى مهر مثل الأمة على قدر الرغبة فيها وعن الأوزاعي ثلث قيمتها ثم اعلم أن اعتبار مهر المثل بما ذكر حكم كل نكاح صحيح لا تسمية فيه أصلا أو سمي فيه ما هو مجهول أو ما لا يحل شرعا كما قدمنا تفاصيله وحكم كل نكاح فاسد بعد الوطء سمي فيه مهر أولا، وأما المواضع التي يجب فيها المهر بسبب الوطء بشبهة فليس المراد بالمهر فيها مهر المثل المذكور هنا لما في الخلاصة بعد ذكر المواضع التي يجب فيها المهر بالوطء عن شبهة قال والمراد من المهر العقر وتفسير العقر الواجب بالوطء في بعض المواضع ما قال الشيخ نجم الدين سألت القاضي الإمام الإسبيجابي عن ذلك بالفتوى فكتب هو العقر أنه ينظر بكم تستأجر للزنا لو كان حلالا يجب ذلك القدر، وكذا نقل عن مشايخنا في شرب الأصل للإمام السرخسي ا هـ. وظاهره أنه لا فرق فيه بين الحرة والأمة ويخالفه ما في المحيط لو زفت إليه غير امرأته فوطئها لزمه مهر مثلها ا هـ. إلا أن يحمل على العقر المذكور في الخلاصة توفيقا ولم أر حكم ما إذا ساوت المرأة امرأتين من أقارب أبيها في جميع الأوصاف المعتبرة مع اختلاف مهرهما قلة وكثرة هل يعتبر بالمهر الأقل أو الأكثر وينبغي أن كل مهر اعتبره القاضي وحكم به فإنه يصح لقلة التفاوت وفي الخلاصة يعتبر بأخواتها وعمامتها وبناتهن فإن لم يكن لها أخت ولا عمة فبنت الأخت لأب وأم وبنت العم ا هـ. وظاهره أن بنت الأخت وبنت العم مؤخران عما ذكره فيتفرع عليه أنه لو كان لها أخت وبنت عم قد ساوتهما في الأوصاف المذكورة أنه لا يعتبر بنت العم مع وجود الأخت وظاهر كلامهم خلافه وفي الخلاصة يشترط أن يكون المخبر بمهر المثل رجلين أو رجلا وامرأتين ويشترط لفظ الشهادة فإن لم يوجد على ذلك شهود عدول فالقول قول الزوج مع يمينه. ا هـ. وظاهره أنه لا يصح القضاء بمهر المثل بدون الشهادة أو الإقرار من الزوج ويخالفه ما في المحيط قال فإن فرض القاضي أو الزوج بعد العقد جاز؛ لأنه يجري ذلك مجرى التقدير لما وجب بالعقد من مهر المثل زاد أو نقص؛ لأن الزيادة على الواجب صحيحة والحط عنه جائز ا هـ. وفي الذخيرة أن الاعتبار لهذه الأوصاف وقت التزويج وفي الصيرفية مات في غربة وخلف زوجتين غريبتين تدعيان المهر ولا بينة لهما قال كم مهر مثلهما وليس لهما أخوات في الغربة قال يحكم بجمالهما بكم ينكح مثلهن، فقيل له يختلف بالبلدان قال إن وجد في بلدهما يسأل وإلا فلا يعطى لهما شيء. (قوله: فإن لم يوجد فمن الأجانب) شامل لمسألتين إحداهما إذا لم يكن لها أحد من قوم أبيها الثانية إذا كان لها أقارب منهم لكن لم يوجد فيهم من يماثلها في الأوصاف المذكورة كلها أو بعضها وفي كل منهما يعتبر مهرها بأجنبية موصوفة بذلك وفي الخلاصة فإن لم تكن مثلها في قرابتها ينظر في قبيلة أخرى مثلها أي مثل قبيلة أبيها كذا فسر الضمير في مثلها في فتح القدير، والأولى أن يرجع إلى المرأة ليكون موافقا لما في المختصر من الاعتبار بالأجنبيات مطلقا سواء كانت من قبيلة مماثلة لقبيلة أبيها أو لا وعن أبي حنيفة لا يعتبر بالأجنبيات قال في فتح القدير ويجب حمله على ما إذا كان لها أقارب وإلا امتنع القضاء بمهر المثل ا هـ. وقد قدمنا أن القضاء بمهر المثل لم ينحصر في النظر إلى من يماثلها من النساء بل لو فرض لها القاضي شيئا من غير ذلك صح كما في المحيط فالمروي من أنه لا يعتبر بالأجنبيات صحيح مطلقا ويفرض القاضي لها المهر فلم يلزم منه امتناع القضاء به لو أجري على عمومه. (قوله: وصح ضمان الولي المهر)؛ لأنه من أهل الالتزام، وقد أضافه إلى ما يقبله فيصح والمراد به أنه في الصحة أما في مرض الموت فلا؛ لأنه تبرع لوارثه في مرض موته، وكذلك كل دين ضمنه عن وارثه أو لوارثه كما في الذخيرة، وأما إذا لم يكن وارثا له فالضمان في مرض الموت من الثلث كما صرحوا به في ضمان الأجنبي وأطلق في الولي فشمل ولي المرأة وولي الزوج الصغيرين والكبيرين أما ولي الزوج الكبير فهو وكيل عنه كالأجنبي وولايته عليه ولاية استحباب وحكم ضمان مهره كحكم ضمان الأجنبي فإن ضمن عنه بإذنه رجع وإلا فلا كما في فتح القدير، وأما إن كان صغيرا بأن زوج ابنه وضمن للمرأة مهرها فلأن الولي سفير ومعبر فيه وليس بمباشر بخلاف ما إذا اشترى له شيئا ثم ضمن عنه الثمن للبائع حيث لا يصح ضمانه؛ لأنه أصيل فيه فيلزمه الثمن ضمن أو لم يضمن ولا بد في صحته من قبول المرأة كما في الذخيرة كغيره من الكفالات، والمجانين كالصبيان في ذلك كذا في الخانية واستفيد من صحة الضمان أن لها مطالبة الولي ومطالبة الزوج وإذا بلغ لا قبله؛ لأنه ليس من أهله وأنه لو أدى الأب من مال نفسه فإنه لا رجوع له على الصغير؛ لأن الكفيل لا رجوع له إلا بالأمر ولم يوجد لكن ذكر في الذخيرة أنه إن شرط الرجوع في أصل الضمان فله الرجوع كأنه كالإذن من البالغ في الكفالة وفي فتاوى الولوالجي لا رجوع له إلا إذا أشهد عند الأداء أنه يؤدي ليرجع عليه وفي فتح القدير ولا يخفى أن هذا أعني عدم الرجوع إذا لم يشهد مقيد بما إذا لم يكن للصغير مال. ا هـ. وفي البزازية أنه إذا أشهد عند الأداء أنه أدى ليرجع رجع وإن لم يشهد عند الضمان ا هـ. والحاصل أن الإشهاد عند الأداء أو الضمان شرط الرجوع وفي غاية البيان لو أدى الأب من مال نفسه فالقياس أن يرجع؛ لأن غير الأب لو ضمن بإذن الأب وأدى يرجع في مال الصغير فكذا الأب؛ لأن قيام ولاية الأب عليه في الصغر بمنزلة أمره بعد البلوغ وفي الاستحسان لا رجوع له؛ لأن الآباء يتحملون المهور عن أبنائهم عادة ولا يطمعون في الرجوع والثابت بالعرف كالثابت بالنص إلا إذا شرط الرجوع في أصل الضمان فحينئذ يرجع؛ لأن الصريح يفوق الدلالة أعني دلالة العرف بخلاف الوصي إذا أدى المهر عن الصغير بحكم الضمان يرجع؛ لأن التبرع من الوصي لا يوجد عادة فصار كبقية الأولياء غير الأب. والحاصل أن عدم الرجوع مخصوص بالأب واستفيد من صحة الضمان أيضا أن الأب لو مات قبل الأداء فللمرأة الاستيفاء من تركة الأب؛ لأن الكفالة بالمال لا تبطل بموت الكفيل وإذا استوفت قال في المبسوط رجع سائر الورثة بذلك في نصيب الابن أو عليه إن كان قبض نصيبه ولم يذكر فيه خلافا وذكر الولوالجي أن أبا يوسف قال إن الأب متبرع ولا يرجع هو ولا وارثه بعد موته على الابن بشيء وحكم الاستيفاء في مرض الموت كالاستيفاء بعد الموت من أن الورثة يرجعون عليه كما في غاية البيان واستفيد من القول بصحة الضمان أيضا أنه لو لم يضمن الأب مهر ابنه الصغير لا يطالب به ولو كان عاقدا؛ لأنه لو لزمه بلا ضمان لم يكن للضمان فائدة ولما في المعراج لو زوج ابنه الصغير لا يثبت المهر في ذمة الأب بل يثبت في ذمة الابن عندنا سواء كان الابن موسرا أو معسرا ذكره في المنظومة وشرحها معللا بأن النكاح لا ينفك عن لزوم المال إنما ينفك عن إيفاء المهر في الحال فلم يكن من ضرورة الإقدام على تزويجه ضمان المهر عنه، وهذا هو المعول عليه كما في فتح القدير وبه اندفع ما في شرح الطحاوي من أن للمرأة مطالبة أب الصغير بمهرها ضمن أو لم يضمن. ا هـ. وجوابه أن كلام شارح الطحاوي محمول على ما إذا كان للصغير مال فإن لها مطالبة الأب بغير ضمان ليؤدي من مال الصغير والدليل على هذا الحمل أن صاحب المعراج نقل أولا ما في شرح الطحاوي ثم بعد أسطر ذكر ما ذكرناه عنه من عدم لزوم المهر على الأب بلا ضمان لكن قيده بالابن الفقير فتعين أن يكون الأول في الابن الغني وبه اندفع ما في فتح القدير وفي الذخيرة إذا اشترى لابنه الصغير شيئا آخر سوى الطعام والكسوة ونقد الثمن من مال نفسه فإنه يرجع على الصغير بذلك وإن لم يشترط الرجوع؛ لأنه لا عرف أن الآباء يتحملون الثمن عن الأبناء ا هـ. وفي الخلاصة لو كبر الابن ثم أدى الأب إن أشهد يرجع وإن لم يشهد لا ولو كان على الأب دين للصغير فأدى مهر امرأته ولم يشهد، ثم قال بعد ذلك إنما أديت مهره عن دينه الذي علي صدق. ا هـ. وفي البزازية إذا أعطى الأب أرضا في مهر امرأته ثم مات الأب قبل قبض المرأة لا تكون الأرض لها؛ لأنها هبة من الأب لم تتم بالتسليم فإن ضمن المهر وأدى الأرض عنه ثم مات قبل التسليم كانت الأرض للمرأة؛ لأنه بيع فلا يبطل بالموت، وأما ضمان ولي المرأة المهر عن زوجها فلا يخلو إما أن تكون كبيرة أو صغيرة فإن كانت كبيرة فظاهر؛ لأنه كالأجنبي إذا ضمن لها المهر ويثبت لها الخيار إن شاءت طالبته وإن شاءت طالبت زوجها إن كان كبيرا و هي أهل للمطالبة ويرجع الولي بعد الأداء على الزوج إن ضمن بأمره سواء كانت الكبيرة عاقلة أو مجنونة، وأما إذا كانت صغيرة زوجها الأب وضمن مهرها فإنما صح؛ لأنه سفير ومعبر لا ترجع الحقوق إليه وإنما ملك قبض مهر الصغيرة بحكم الأبوة باعتبار أنه عاقد ولهذا لا يملكه بعد بلوغها إلا برضاها صريحا أو دلالة بأن تسكت وهي بكر بخلاف ما إذا باع مال الصغير وضمن الثمن عن المشتري فإنه لا يصح؛ لأنه أصيل فيه حتى ترجع الحقوق عليه ويصح إبراؤه من الثمن عندهما خلافا لأبي يوسف لكنه يضمنه للولد لتعديه بالإبراء ويملك قبض الثمن بعد بلوغه فلو صح الضمان لصار ضامنا لنفسه وبهذا علم أن قوله (وتطالب زوجها أو وليها) مخصوص بما إذا كان الضامن وليها مع أن الحكم أعم فلو قال وتطالب زوجها أو الولي الضامن لكان أولى ليشمل ما إذا كان الضامن وليه وقول الشارح الزيلعي في الصورة الثانية فالمطالبة إلى ولي الزوج مكان وليها غير صحيح؛ لأن المطالبة عليه لا إليه وجعل إلي بمعنى علي هنا مجازا بعيد كما لا يخفى ولا بد من تقييد الزوج بالبلوغ؛ لأنه ليس لها مطالبة الصغير بل وليها فقط ولا بد من تقييد صحة ضمانه لها من قبولها أو قبول قابل في المجلس؛ لأن الموجود شطر فلا يتوقف على ما وراء المجلس في المذهب كما في البزازية وظاهره أنه لا فرق بين الصغيرة والكبيرة وإطلاقهم صحة ضمانه مهر الصغيرة يقتضي أن لا يشترط قبول أحد في المجلس وأن إيجابه يكون مقام القبول عنها ولا بد من التقييد بصحة وليها إذ ضمانه في مرضه باطل لما قدمنا من أن الضمان في مرض الموت للوارث أو عنه باطل وينبغي تقييده بما إذا كانت موليته وارثته وأما إذا لم تكن وارثته كما إذا كانت بنت عمه مثلا وله وارث يحجبها فالضمان صحيح مطلقا كما لا يخفى ويكون من الثلث كما قدمناه، وأشار بصحة ضمان الولي إلى صحة ضمان الرسول في النكاح والوكيل بالأولى فلو ضمن الرسول المهر ثم جحد الزوج الرسالة اختلف المشايخ فيما يلزم الرسول وصحح في المحيط أن المرأة إذا طلبت التفريق من القاضي وفرق بينها وبين الزوج كان لها على الرسول نصف المهر وإن لم تطلب التفريق كان لها جميع المهر ولو زوجه الوكيل على ألف من ماله أو على هذه الألف لم يلزمه شيء ولو ضمن المهر لزمه فإن كان بغير إذن الزوج فلا رجوع له بخلاف الوكيل بالخلع فإنه إذا ضمن البدل عنها رجع به عليها وإن لم تأمره بالضمان لانصراف التوكيل إلى الأمر بالضمان لصحة الخلع بلا توكيل منها بخلاف النكاح فإنه لا يصح بلا توكيل منها فانصرف الأمر إليه ولو زوجه الوكيل امرأة على عرضه جاز فإن هلك في يد الوكيل رجعت بقيمته على الزوج وفي الخلع ترجع على الوكيل والكل من المحيط. (قوله: ولها منعه من الوطء والإخراج للمهر وإن وطئها) أي للمرأة منع نفسها من وطء الزوج وإخراجها من بلدها حتى يوفيها مهرها وإن كانت قد سلمت نفسها للوطء فوطئها لتعين حقها في البدل كما تعين حق الزوج في المبدل فصار كالبيع كذا في الهداية وأورد عليه في فتح القدير بأن هذا التحليل لا يصح إلا في الصداق الدين، أما العين كما لو تزوجها على عبد بعينه فلا؛ لأنها بالعقد ملكته وتعين حقها فيه حتى ملكت عتقه ا هـ. وقد قالوا في بيع المقايضة يقال لهما سلما معا ويمكن أن يكون هنا كذلك فلها المنع قبله وما في فتح القدير من أن مثله لا يتأتى في النكاح إذا كان المهر عبدا معينا مثلا ولا في معية الخلوة لإطلاق الجواب بأن لها الامتناع إلى أن تقبض ا هـ. ففيه نظر؛ لأن المراد بالتسليم هنا التخلية برفع الموانع وهو ممكن في العبد أيضا بأن يخلي بينها وبينه بشروط التخلية وتخلي بينها وبين نفسها برفع الموانع منها ويكونا سواء، وهذا قبل الاطلاع على النقل ثم رأيت في المحيط وإن كان المهر عينا فإنهما يتقابضان كما في بيع المقايضة ا هـ. وبهذا سقط ما في فتح القدير أشار المصنف بمنعها له مما ذكر إلى أنه لا يمنعها من أن تخرج في حوائجها والزيارة بغير إذنه قبل قبض المهر؛ لأنها غير محبوسة لحقه بخلاف ما بعد إيفائه؛ لأنها محبوسة له وإلى أن للأب أن يسافر بابنته البكر ولو كانت بالغة قبل إيفاء المهر وبعده لا كما في فتح القدير وإلى أنه لا يحل له وطؤها على كره منها قبل إيفائه قال في المحيط من النفقة وهل يحل للزوج أن يطأها على كره منها إن كان الامتناع لا لطلب المهر يحل؛ لأنها ظالمة وإن كان لطلب المهر لا يحل عند أبي حنيفة وعندهما يحل ا هـ. وأطلق في الإخراج فشمل الإخراج من بيتها ومن بلدها فليس له ذلك وتفسير الإخراج بالمسافرة بها كما في الهداية مما لا ينبغي؛ لأنه يوهم أن له إخراجها من بيتها إلى بيت آخر في مصرها وأطلق في المهر وفيه تفصيل وحاصله أنه إما أن يصرحا بحلوله أو بتعجيله أو بتأجيله كله أو بحلول بعضه وتأجيل بعضه أو يسكتا فإن شرطا حلوله أو تعجيله كله فلها الامتناع حتى تستوفيه كله والحلول والتعجيل مترادفان ولا اعتبار بالعرف إذا جاء الصريح بخلافه، وكذا إذا شرطا حلول البعض فلها الامتناع حتى تقبض المشروط فقط وأما إذا شرط تأجيل الكل فليس لها الامتناع أصلا؛ لأنها أسقطت حقها بالتأجيل كما في البيع وعن أبي يوسف أن لها الامتناع استحسانا؛ لأنه لما طلب تأجيله كله فقد رضي بإسقاط حقه في الاستمتاع قال الولوالجي وبقول أبي يوسف يفتى استحسانا بخلاف البيع ا هـ. ولأن العادة جارية بتأخير الدخول عند تأخير جميع المهر وفي الخلاصة أن الأستاذ ظهير الدين كان يفتي بأنه ليس لها الامتناع والصدر الشهيد كان يفتي بأن لها ذلك ا هـ. فقد اختلفت الفتوى وفي معراج الدراية إذا كان المهر مؤجلا ثم حل الأجل فليس لها الامتناع عند أبي حنيفة ولم أر حكم ما إذا كان الأجل سنة مثلا فلم تسلم نفسها حتى مضى الأجل هل يصير حالا أو لا بد من سنة بعد التسليم كما قال أبو حنيفة في البيع فإن قيس النكاح على البيع صح؛ لأنهم اعتبروه به هنا وفي المحيط وغيره لو أحالت المرأة رجلا على زوجها بالمهر فلها الامتناع إلى أن يقبض المحتال؛ لأن غريمها بمنزلة وكيلها وإن أحالها الزوج بمهرها ليس لها الامتناع، وهذا إذا كان الأجل معلوما فإن كان مجهولا فإن كانت جهالة متقاربة كالحصاد والدياس ونحو ذلك فهو كالمعلوم وهذه على وجوه إما أن يصرح بحلول كله أو تعجيله أو حلول بعضه وتأجيل بعضه أو تأجيل كله أجلا معلوما أو مجهولا أو متقاربا أو متفاحشا فهي سبعة وكل منها إما بشرط الدخول قبل القبض أو لا فهي أربعة عشر وكل منها إما أن يكون المنع قبل التسليم أو بعده فهي ثمانية وعشرون على الصحيح كما في الظهيرية بخلاف البيع فإنه لا يجوز بهذا الشرط وإن كانت متفاحشة كإلى الميسرة أو إلى هبوب الريح أو إلى أن تمطر السماء فالأجل لا يثبت ويجب المهر حالا كذا في غاية البيان وظاهره أن التأجيل إلى الطلاق أو الموت متفاحش فيجب المال حالا بمقتضى إطلاق العقد. والظاهر خلافه لجريان العرف بالتأجيل به، وذكر في الخلاصة والبزازية اختلافا فيه وصحح أنه صحيح وحكم التأجيل بعد العقد كحكمه فيه كما في فتح القدير أيضا، وهذا كله إذا لم يشترط الدخول قبل حلول الأجل فلو شرطه ورضيت ليس لها الامتناع اتفاقا كما في الفتح أيضا وفي الخلاصة وبالطلاق يتعجل المؤجل ولو راجعها لا يتأجل ا هـ. يعني إذا كان التأجيل إلى الطلاق أما إذا كان التأجيل إلى مدة معينة لا يتعجل بالطلاق كما يقع في ديار مصر في بعض الأنكحة أنهم يجعلون بعضه حالا وبعضه مؤجلا إلى الطلاق أو إلى الموت وبعضه منجما في كل سنة قدر معين فإذا طلقها تعجل البعض المؤجل لا المنجم؛ لأنها تأخذه بعد الطلاق على نجومه كما تأخذه قبل الطلاق على نجومه، وذكر قولين في الفتاوى الصيرفية في كونه يتعجل المؤجل بالطلاق الرجعي مطلقا أو إلى انقضاء العدة وجزم في القنية بأنه لا يحل إلى انقضاء العدة قال وهو قول عامة مشايخنا وفي الصيرفية لو ارتدت ولحقت بدار الحرب ثم أسلمت وتزوجها المختار أنه لا يطالب بالمهر المؤجل إلى الطلاق ا هـ. ووجهه أن الردة فسخ وليست بطلاق، وأما إذا سكتا عن وصفه فهو حال بمقتضى إطلاق العقد فالقياس على البيع يقتضي أن لها الامتناع قبل قبضه لكن العرف صرفه عن ذلك فإن كان عرف في تعجيل بعضه وتأخير باقيه إلى الموت أو الميسرة أو الطلاق فليس لها الامتناع إلا إلى تسليم ذلك بتمامه ولو بقي درهم قال في فتاوى قاضي خان فإن لم يبينوا قدر المعجل ينظر إلى المرأة وإلى المهر أنه كم يكون المعجل لمثل هذه المرأة من مثل هذا المهر فيعجل ذلك ولا يتقدر بالربع والخمس بل يعتبر المتعارف فإن الثابت عرفا كالثابت شرطا ا هـ. وفي الصيرفية الفتوى على اعتبار عرف بلدهما من غير اعتبار الثلث أو النصف كما روي فما في غاية البيان من إطلاق قوله فإن كان يعني المهر بشرط التعجيل أو مسكوتا عنه يجب حالا ولها أن تمنع نفسها حتى يعطيها المهر إنما هو على ظاهر الرواية، وأما على المفتى به فالمعتبر في المسكوت عنه العرف وبه سقط ما في فتح القدير وفي القاسمية إذا تزوجها على مائة مثلا على حكم الحلول على أن يعطيها قبل الدخول أربعين والباقي على حكمه فلها المطالبة بالباقي قبل الطلاق أو الموت ولها الامتناع حتى تقبضه وقول الزيلعي ليس لها أن تحبس نفسها فيما تعورف تأجيله ولو كان حالا أنه ولو كان حالا بمقتضى العقد فإن العرف يقضي به وبقية كلامه يدل عليه وهو قوله فإذا نصا على تعجيل جميع المهر إلى آخره؛ لأن شرط التعجيل مرادف لشرط الحلول حكما؛ لأن في كل منهما لها المطالبة متى شاءت ولو كان معناه ولو كان حالا بالشرط لناقض قوله وإن نصا على التعجيل فهو على ما شرطا وليس في اشتراط تعجيل البعض مع النص على حلول الجميع دليل على تأخير الباقي إلى الطلاق أو الموت بوجه من وجوه الدلالات والذي عليه العادة في مثل هذا التأخير إلى اختيار المطالبة وقال الزاهدي وصار تأخير الصداق إلى الموت أو الطلاق بخوارزم عادة مأثورة وشريعة معروفة عندهم ا هـ. وعرف خوارزم فيما لا نص فيه على تعجيل ولا تأجيل وهو خلاف الواقع في مملكة مصر والشام وما والاهما من البلاد ا هـ. ما في القاسمية وفي الصيرفية تزوجها وسمى لها المعجل مائة وسكت عن المؤجل ثم طلقها قبل الدخول فلها نصف المسمى وينبغي أن تجب لها المتعة ا هـ. وأطلق في قوله فإن وطئها فشمل ما إذا وطئها مكرهة كانت أو صغيرة أو برضاها وهي كبيرة ولا خلاف فيما إذا كانت مكرهة أو صبية أو مجنونة فإنه لا يسقط حقها في الحبس، وأما إذا وطئها أو خلا بها برضاها ففيه خلاف قال أبو حنيفة لها أن تمنع نفسها وخالفاه؛ لأن المعقود عليه صار مسلما إليه بالوطأة الواحدة وبالخلوة ولهذا يتأكد بها جميع المهر فلم يبق لها حق الحبس كالبائع إذا سلم المبيع وله أنها منعت منه ما قابل البدل؛ لأن كل وطأة تصرف في البضع المحترم فلا يعري عن العوض إبانة لخطره والتأكيد بالواحدة لجهالة ما وراءها فلا يصح مزاحما للمعلوم ثم إذا وجد آخر وصار معلوما تحققت المزاحمة وصار المهر مقابلا بالكل كالعبد إذا جنى جناية يدفع كله بها ثم إذا جنى جناية أخرى وأخرى يدفع بجميعها ويبتنى على هذا الاختلاف استحقاق النفقة بعد الامتناع فعنده تستحقها وليست بناشزة وعندهما لا تستحقها وهي ناشزة كذا قالوا وينبغي أن لا تكون ناشرة على قولهما إذا منعته من الوطء وهي في بيته؛ لأنه ليس بنشور منها بعد أخذ المهر كما صرحوا به في النفقات وفي شرح الجامع الصغير للبزدوي كان أبو القاسم الصفار يفتي في المنع بقول أبي يوسف ومحمد وفي السفر بقول أبي حنيفة، ثم قال، وهذا حسن في الفتيا يعني بعد الدخول لا تمنع نفسها ولو منعت لا نفقة لها كما هو مذهبهما ولا يسافر بها ولها الامتناع منه لطلب المهر ولها النفقة كما هو مذهبه كذا في غاية البيان وقيد بقوله للمهر؛ لأنه ليس لها الامتناع منهما بعد قبضه ولا فرق بين أن يطلب انتقالها إلى منزله في المصر أو إلى بلد أخرى أما الأول فليس لها الامتناع منه اتفاقا وسيأتي في النفقات بيان البيت الشرعي وأنه يسكنها بين جيران صالحين وأنه يلزمه مؤنسة لها كما في الفتاوى السراجية وفي المحيط لو وجدت المرأة المهر المقبوض زيوفا أو ستوقة أو اشترت منه بالمهر شيئا فاستحق المبيع بعد القبض فليس لها أن تمنع نفسها عند أبي يوسف؛ لأن عنده لو سلمت نفسها من غير قبض لم يكن لها حق المنع فكذا هذا وليس هذا كالبيع ا هـ. ولم يذكر قول الإمام، وأما الثاني فإن نقلها من مصر إلى قرية أو من قرية إلى مصر أو من قرية إلى قرية فظاهر ما ذكره المصنف في الكافي أن له ذلك اتفاقا؛ لأنه لا تتحقق الغربة فيه وعلله أبو القاسم الصفار بأنه تبوئة وليس بسفر، وذكر في القنية اختلافا في نقلها من المصر إلى الرستاق فعزا إلى كتب أنه ليس له ذلك ثم عزا إلى غيرها أن له ذلك قال وهو الصواب. ا هـ. وأما إذا طلب انتقالها من مصرها إلى مصر أخرى فظاهر الرواية كما في الخانية والولوالجية أن ليس لها الامتناع لقوله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم} وليس في ظاهر الرواية تفصيل بين أن يكون مأمونا عليها أو لا واختلفوا في المفتى به فذكر في جامع الفصولين أن الفتوى على أنه له أن يسافر بها إذا أوفاها المعجل ا هـ. فهذا إفتاء بظاهر الرواية وأفتى أبو القاسم الصفار وتبعه الفقيه أبو الليث بأنه ليس له أن يسافر بها مطلقا بغير رضاها لفساد الزمان؛ لأنها لا تأمن على نفسها في منزلها فكيف إذا خرجت وصرح في المختار بأنه لا يسافر بها وعليه الفتوى وفي المحيط وهو المختار وما في فصول الأسروشني معزيا إلى ظهير الدين المرغيناني من أن الأخذ بقول الله تعالى أولى من الأخذ بقول الفقيه فقد رده في غاية البيان بأن قول الفقيه ليس منافيا لقول الله تعالى؛ لأن النص معلول بعدم الإضرار، ألا ترى إلى سياق الآية وهو قوله تعالى: {ولا تضاروهن} وفي إخراجها إلى غير بلدها إضرار بها فلا يجوز. ا هـ. وذكر الولوالجي أن جواب ظاهر الرواية كان في زمانهم أما في زماننا لا يملك الزوج ذلك فجعله من باب اختلاف الحكم باختلاف العصر والزمان كما قالوا في مسألة الاستئجار على الطاعات وأفتى بعضهم بأنه إذا أوفاها المعجل والمؤجل وكان مأمونا يسافر بها وإلا فلا؛ لأن التأجيل إنما يثبت بحكم العرف فلعلها إنما رضيت بالتأجيل لأجل إمساكها في بلدها أما إذا أخرجها إلى دار الغربة فلا قال صاحب المجمع في شرحه وبه يفتى ا هـ. فقد اختلف الإفتاء والأحسن الإفتاء بقول الفقيهين من غير تفصيل واختاره كثير من المشايخ كما في الكافي وعليه الفتوى وعليه عمل القضاة في زماننا كما في أنفع الوسائل. وأشار المصنف بقوله ولها منعه إلى أنها بالغة فلو كانت صغيرة فللولي المنع المذكور حتى يقبض مهرها وتسليمها نفسها غير صحيح فللولي استردادها وليس لغير الأب والجد أن يسلمها إلى الزوج قبل أن يقبض الصداق من له ولاية قبضه فإن سلمها فهو فاسد وترد إلى بيتها كما في التجنيس وغيره. (قوله: وإن اختلفا في قدر المهر حكم مهر المثل) أي اختلف الزوجان في قدره بأن ادعى ألفا وهي ألفين وليس لأحدهما بينة فإنه يجعل مهر المثل حكما فإن كان مهر المثل ألفا أو أقل فالقول قوله مع يمينه بالله ما تزوجتها على ألفين فإن حلف لزمه ما أقر به تسمية وإن نكل لزمه ما ادعت المرأة على أنه مسمى لإقراره أو بذله بالنكول وإن كان ألفين أو أكثر فالقول قولها مع اليمين بالله ما تزوجته بألف كما في الولوالجية أو بالله ما رضيت بألف كما في شرح الطحاوي فإن نكلت فلها ما أقر به الزوج تسمية لإقرارها به وإن حلفت فلها جميع ما ادعت بقدر ما أقر به الزوج على أنه مسمى لاتفاقهما عليه والزائد بحكم أنه مهر المثل لا باليمين حتى يتخير فيه الزوج بين الدراهم والدنانير وإن كان مهر مثلها أقل مما قالت وأكثر مما قال تحالفا وأيهما نكل لزمه دعوى صاحبه وما وقع في النهاية من أن الزوج إذا نكل لزمه ألف وخمسمائة كأنه غلط من الناسخ وإن حلفا وجب مهر المثل بقدر ما أقر به الزوج يجب على أنه مسمى والزائد بحكم مهر المثل حتى يتخير فيه بين دفع الدراهم والدنانير بخلاف الأول وهذا قول أبي حنيفة ومحمد أعني تحكيم مهر المثل وبناء الأمر عليه وأبو يوسف لا يحكمه ويجعل القول قول الزوج مع يمينه إلا أن يأتي بشيء مستنكر؛ لأن المرأة مدعية للزيادة وهو ينكرها ولهما أن القول في الدعاوى قول من يشهد له الظاهر. والظاهر شاهد لمن يشهد له مهر المثل؛ لأنه هو الموجب الأصلي في باب النكاح وصار كالصباغ مع رب الثوب إذا اختلفا في مقدار الأجر تحكم قيمة الصبغ واختلفا في تفسير المستنكر عنده، فقيل هو المستنكر عرفا ما لا يتعارف مهرا لها وصححه في الهداية والبدائع وشرح الجامع الصغير لقاضي خان، وذكر أنه مروي عنه، وقيل هو المستنكر شرعا وهو أن يدعي تزوجها على أقل من عشرة دراهم وهو مروي عنه كما في البدائع وصححه القاضي الإسبيجابي، وذكر الوبري أنه أشبه بالصواب؛ لأنه ذكر في كتاب الرجوع عن الشهادة لو ادعى أنه تزوجها على مائة وهي تدعي أنه تزوجها على ألف ومهر مثلها ألف وأقام البينة ثم رجع لا يضمنون عند أبي يوسف؛ لأنه لولا الشهادة كان القول قوله ولم يجعل المائة مستنكرا في حقها واختاره في فتح القدير وعبارة الجامع الصغير إلا أن يأتي بشيء قليل وفي غاية البيان ولفظ الجامع أبين ا هـ. مع أن الاحتمال موجود فيها أيضا؛ لأنه يحتمل أن يكون المراد بالقليل ما قل شرعا أو عرفا فساوت التعبير بالمستنكر المذكور في غيره وظاهر كلام المصنف هنا أن تحكيم مهر المثل معتبر قبل التحالف وهو مبني على تخريج أبي بكر الرازي وحاصله أن التحالف على تخريجه في فصل واحد وهو ما إذا خالف مهر المثل قولهما، وأما إذا وافق قول أحدهما فالقول قوله وهو المذكور في الجامع الصغير؛ لأنه لا حاجة إليه مع شهادة الظاهر، وذكر المصنف في باب التحالف من كتاب الدعوى أنهما يتحالفان ثم يحكم مهر المثل وهو على تخريج الكرخي وصححه في المبسوط والمحيط وحاصله وجوب التحالف في الفصول الثلاثة أعني ما إذا وافق مهر المثل قوله أو قولها أو خالفهما فإذا تحالفا قضي بقوله لو كان مهر المثل كما قال وبقولها لو كان كما قالت وبمهر المثل لو كان بينهما؛ لأن مهر المثل لا يصار إليه إلا عند سقوط التسمية وهي لا تسقط إلا بالتحالف. والظاهر لا يكون حجة على الغير ولم أر من صحح تخريج الرازي فكان المذهب تخريج الكرخي فيحمل كلام المصنف هنا عليه ليطابق ما صرح به في بابه ولم يذكر المصنف في الموضعين بمن يبدأ في التحالف للاختلاف فذكر في غاية البيان أنه يقرع بينهما يعني استحبابا؛ لأنه لا رجحان لأحدهما على الآخر واختار في الظهيرية والولوالجية وشرح الطحاوي وكثير أنه يبدأ بيمين الزوج؛ لأن أول التسليمين عليه فيكون أول اليمينين عليه كتقديم المشتري على البائع في التحالف والخلاف في الأولوية حتى لو بدأ بأيهما كان جاز كما في فتح القدير وقيدنا بعدم إقامة البينة؛ لأنه لو قامت لأحدهما بينة قضي ببينته، وإنما سكت عنه المصنف هنا؛ لأنه صرح به في بابه وعبارته وإن اختلفا في المهر قضي لمن برهن وإن برهنا فللمرأة وإن عجزا تحالفا إلى آخره إلا أن قوله وإن برهنا فللمرأة شامل لما إذا كان مهر المثل شاهدا له أو لها أو بينهما وفي الأول البينة بينتها؛ لأنها تثبت أمرا زائدا وأما في الثاني ففيه اختلاف ذكره في البدائع قال بعضهم يقضى ببينتها أيضا؛ لأنها أظهرت شيئا لم يكن ظاهرا بتصادقهما، وأما الظهور بشهادة مهر المثل فلا اعتبار به لما قدمنا أنه لا يكون حجة على الغير وقال بعضهم يقضى ببينة الزوج؛ لأن بينته تظهر حط الألف عن مهر المثل وبينتها لا تظهر شيئا؛ لأن الألفين كانت ظاهرة بشهادة مهر المثل، وهذا القول جزم به الزيلعي في باب التحالف وفي هذا الموضع، وأما في الثالث وهو ما إذا كان بينهما فالصحيح أنهما يتهاتران لاستوائهما في الدعوى والإثبات ثم يجب مهر المثل كله فيتخير فيه الزوج بين دفع الدراهم والدنانير بخلاف التحالف؛ لأن بينة كل واحد منهما تنفي تسمية صاحبه فخلا العقد عن التسمية فيجب مهر المثل ولا كذلك التحالف؛ لأن وجوب قدر ما يقر به الزوج بحكم الاتفاق والزائد بحكم مهر المثل هكذا ذكره الكرماني وذكر قاضي خان أنه يجب قدر ما اتفقا عليه على أنه مسمى والزائد على أنه مهر المثل كما في التحالف. والظاهر الأول كما لا يخفى وفي المحيط وقال محمد رجل أقام بينة على أنه تزوج هذه المرأة بألف وأقامت بينة أنه تزوجها على ألفين فالمهر ألف ولو أقام رجل بينة أنه اشترى هذه الدار بألف وأقام البائع بينة أنه باعها منه بألفين فهي بألفين والفرق أن في البيع أمكن العمل بالبينتين لاحتمال أنه اشترى منه أولا ثم اشتراها منه بألفين ثانيا كما سيأتي فيصح؛ لأن البيع يحتمل الفسخ والنكاح لا يحتمل الفسخ وكل منهما ادعى عقدا غير ما ادعاه الآخر فتهاترت البينتان ووجب لها الألف باعتراف الزوج ا هـ فإن كان هذا من محمد نقلا للمذهب لا قوله وحده فمعنى قولهم وإن برهنا فللمرأة ما إذا شهدت بينته بأن المهر ألف وبينتها بأن المهر ألفان ولم تقع الشهادة بالعقد أما إذا وقعت بالعقد ومعه مسمى فقد علمت حكمه وأطلق في القدر فشمل النقد والمكيل والموزون لما في المحيط ولو كان المهر مكيلا أو موزونا بعينه فاختلفا في قدر المكيل والموزون والمذروع فهو مثل الاختلاف في الألف والألفين؛ لأنه اختلاف في الذات، ألا ترى أن إزالة البعض منه لا تنقص الباقي ا هـ. وحاصل الاختلاف في القدر لا يخلو إما أن يكون المهر دينا أو عينا فإن كان دينا موصوفا في الذمة بأن تزوجها على مكيل موصوف أو موزون أو مذروع كذلك فاختلفا في قدر المكيل والوزن والذرع فهو كالاختلاف في قدر الدراهم والدنانير وإن كان عينا فإن كان مما يتعلق العقد بقدره فإن تزوجها على طعام بعينه فاختلفا في قدره، فقال الزوج تزوجتك على هذا الطعام على أنه كر، فقالت إنه كران فهو كالألف والألفين وإن كان مما لا يتعلق العقد بقدره بأن تزوجها على ثوب بعينه كل ذراع منه يساوي عشرة دراهم واختلفا، فقال الزوج تزوجتك على هذا الثوب بشرط أنه ثمانية أذرع، فقالت بشرط أنه عشرة أذرع لا يتحالفان ولا يحكم مهر المثل والقول قول الزوج بالإجماع كذا في البدائع، وهذه واردة على إطلاق المصنف وجوابه أن القدر في الثوب وإن كان من أجزائه حقيقة لكنه جار مجرى الوصف وهو صفة الجودة شرعا؛ لأنه يوجب صفة الجودة لغيره من الأجزاء، ولذا كان الزائد للمشتري فيما إذا باعه وعين قدرا فوجده أزيد والأصل أن ما يوجب فوات بعضه نقصانا في البقية فهو كالوصف وما لا يوجبه لا يكون كالوصف كما علم في البيوع وصرح به في البدائع هنا وقيد بالقدر؛ لأنه لو اختلفا في جنس المهر أو نوعه أو صفته فإنه لا يخلو إما أن يكون المسمى دينا أو عينا فإن كان دينا فإن كان في الجنس كما إذا قال تزوجتك على عبد، فقالت على جارية أو قال على كر شعير، فقالت على كر حنطة أو على ثياب هروية أو قال على ألف درهم وقالت على مائة دينار أو كان في النوع كالتركي مع الرومي والدنانير المصرية مع الصورية أو كان في الصفة من الجودة والرداءة فإن الاختلاف فيه كالاختلاف في العينين إلا الدراهم والدنانير فإن الاختلاف فيها كالاختلاف في الألف والألفين؛ لأن كل واحد من الجنسين والنوعين والموصوفين لا يملك إلا التراضي بخلاف الدراهم والدنانير فإنهما وإن كانا جنسين مختلفين لكنهما في باب مهر المثل جعلا كجنس واحد وإن كان المسمى عينا بأن قال تزوجتك على هذا العبد وقالت المرأة على هذه الجارية فهو كالاختلاف في الألف والألفين إلا في فصل واحد وهو ما إذا كان مهر مثلها مثل قيمة الجارية أو أكثر فلها قيمة الجارية لا عينها؛ لأن تمليك الجارية لا يكون إلا بالتراضي ولم يتفقا على تمليكها فلم يوجد الرضا من صاحب الجارية بتمليكها فتعذر التسليم فيقضى بقيمتها بخلاف ما إذا اختلفا في الدراهم والدنانير فإنه نظير الاختلاف في الألف والألفين على معنى أن مهر مثلها إن كان مثل مائة دينار أو أكثر فلها المائة دينار كذا في البدائع أيضا وذكر في المحيط الاختلاف في الجنس أو النوع أو الصفة إن كان المسمى عينا فالقول قول الزوج وإن كان دينا فهو كالاختلاف في الأصل. ا هـ. يعني يجب مهر المثل ولا يخفى ما فيه من المخالفة لما في البدائع وفي الظهيرية ولو اختلفا في الوصف والقدر جميعا فالقول للزوج في الوصف والقول للمرأة في القدر إلى تمام مهر مثلها وفي المحيط وغيره لو تصادقا على مهر عين كالعبد ثم هلك عند الزوج فاختلفا في القيمة فالقول قول من عليه الدين وهو الزوج وفي الخانية لو قالت المرأة تزوجني على عبدك هذا وقال الرجل تزوجتك على أمتي هذه وهي أم المرأة وأقاما البينة فالبينة بينة المرأة؛ لأن بينتها قامت على حق نفسها وبينة الزوج قامت على حق الغير وتعتق الأمة على الزوج بإقراره ا هـ. وفي الظهيرية رجل وامرأة في أيديهما دار فأقامت المرأة البينة أن الدار لها والرجل عبدها وأقام الرجل البينة أن الدار له والمرأة زوجته ولم تقم بينة أنه حر فالبينة بينة المرأة والدار والعبد لها ولا نكاح بينهما ولو أقامها أنه حر الأصل والمسألة بحالها يقضى بأنه حر والمرأة زوجته والدار للمرأة؛ لأنها خارجة وهذه المسألة تناسب الدعوى إلى أن قال لو أقام رجل بينة على امرأة أنه تزوجها على ألف درهم وأقامت بينة أنه تزوجها على مائة دينار وأقام أبوها وهو عبد الزوج أنه تزوجها على رقبته وأقامت أمها وهي أمة الزوج أنه تزوجها على رقبتها فالبينة بينة الأب والأم والنكاح جائز على نصف رقبتهما؛ لأن بينتهما توجب المهر والحرية فكانت بينتهما أكثر إثباتا فكانت أولى فإن كان القاضي قضى للمرأة بمائة دينار ثم ادعى الأب والمسألة بحالها فالقاضي يقضي بأن الأب صداقها ويعتق من مالها ويبطل القضاء الأول ولو قضي بعتق الأب من مال ابنته ثم أقامت أمها بينة أنه تزوجها على رقبتها لا تقبل؛ لأن في قبول بينتها إبطال عتق الأب ا هـ. وهو ملحق بالأصل إلا المسألة الأولى. (قوله: والمتعة لو طلقها قبل الوطء) أي حكمت المتعة فإن شهدت لأحدهما فالقول قوله مع يمينه وإن كانت بين نصف ما يدعيه ونصف ما تدعيه المرأة حلف كل واحد منهما كما في حال قيام النكاح وعند أبي يوسف القول قول الزوج مع يمينه إلا أن يأتي بشيء مستنكر كما قدمناه، وهذا على رواية الجامع الكبير وهو قياس قولهما وفي رواية الجامع الصغير والأصل القول قول الزوج في نصف المهر من غير تحكيم للمتعة وفي الهداية، ووجه التوفيق أنه وضع المسألة في الأصل في الألف والألفين والمتعة لا تبلغ هذا المبلغ في العادة فلا يفيد تحكيمها ووضعها في الجامع الكبير في العشرة والمائة ومتعة مثلها عشرون فيفيد التحكيم والمذكور في الجامع الصغير ساكت عن ذكر المقدار فيحمل على ما هو المذكور في الأصل. ا هـ. وصحح في البدائع وشرح الطحاوي أنه يتنصف ما قال الزوج ورجحه في فتح القدير بأن المتعة موجبة فيما إذا لم يكن فيه تسمية وهنا اتفقا على التسمية فقلنا ببقاء ما اتفقا عليه وهو نصف ما أقر به الزوج ويحلف على نفي دعواها الزائد وأراد بتحكيم المتعة فيما إذا كان المسمى دينا أما إذا كان عينا كما في مسألة العبد والجارية فلها المتعة من غير تحكيم إلا أن يرضى الزوج أن تأخذ نصف الجارية بخلاف ما إذا اختلفا في الألف والألفين؛ لأن نصف الألف ثابت بيقين لاتفاقهما على تسمية الألف والملك في نصف الجارية ليس بثابت بيقين؛ لأنهما لم يتفقا على تسمية أحدهما فلا يمكن القضاء بنصف الجارية إلا باختيارهما فإذا لم يوجد سقط البدلان فوجب الرجوع إلى المتعة كذا في البدائع. (قوله: ولو في أصل المسمى يجب مهر المثل) أي ولو اختلفا في أصل المسمى بأن ادعاه أحدهما ونفاه الآخر فإنه يجب مهر المثل اتفاقا والمتعة إن طلقها قبل الدخول اتفاقا أما عندهما فظاهر؛ لأن أحدهما يدعي التسمية والآخر ينكره فالقول قول المنكر، وكذا عند أبي يوسف لتعذر القضاء بالمسمى بخلاف ما تقدم؛ لأنه أمكن القضاء بالمتفق وهو الأقل ما لم يكن مستنكرا وقوله في الهداية؛ لأن مهر المثل هو الأصل عند أبي حنيفة ومحمد مشكل؛ لأنه قدم قبله أن المسمى هو الأصل عن محمد، وإنما مهر المثل هو الأصل عند الإمام فقط كذا ذكره الشارحون وجوابه أنه الأصل في التحكيم عندهما كما مر في الاختلاف في القدر وليس مراده الأصالة بالنسبة إلى المسمى فلا إشكال أطلقه فشمل الاختلاف في حياتهما وبعد موت أحدهما سواء كان في الأصل أو في القدر فحكم الاختلاف بعد موت أحدهما في القدر كهو في حياتهما كما في المحيط، وأما في الأصل، فقال في التبيين ولو كان الاختلاف بعد موت أحدهما فالجواب فيه كالجواب في حياتهما بالاتفاق؛ لأن اعتبار مهر المثل لا يسقط بموت أحدهما، وكذا لو طلقها قبل الدخول ا هـ. يعني: تحكم المتعة وفي البزازية ادعت المسمى بعد موته فأقر الوارث به لكن قال لا أعرف قدره حبس وظاهر كلام المصنف أنه يجب مهر المثل بالغا ما بلغ وليس كذلك بل لا يزاد على ما ادعته المرأة لو كانت هي المدعية للتسمية ولا ينقص عما ادعاه الزوج لو كان هو المدعي لها كما أشار إليه في البدائع ولم يتعرض الشارحون للتحليف، وذكر صدر الشريعة أنه يحلف عندهما فإن نكل ثبت المسمى وإن حلف المنكر وجب مهر المثل، وأما عند أبي حنيفة ينبغي أن لا يحلف المنكر؛ لأنه لا تحليف عنده في النكاح فيجب مهر المثل ا هـ. وفيه نظر؛ لأن التحليف هنا على المال لا على أصل النكاح فيتعين أن يحلف منكر التسمية إجماعا ولهذا سكتوا عنه لظهوره وفي جامع الفصولين ادعت مهرها بعد موته فادعى الوارث الخلع قبل الموت بعد إنكاره أصل النكاح لا تسمع وإن ادعى الإبراء ففيها أقوال ثالثها إن ادعى الإبراء عن المهر لا تسمع وإن ادعى الإبراء عن دعوى المهر تسمع. ا هـ. (قوله: ولو ماتا ولو في القدر فالقول لورثته) أي لو مات الزوجان واختلف ورثتهما فالقول لورثة الزوج سواء كان في القدر أو في الأصل فإن كان في القدر لزم ما اعترفوا به وإن كان في الأصل بأن ادعى ورثتها المسمى وأنكره ورثته فلا شيء عليهم، وهذا عند الإمام وعندهما الاختلاف بعد موتهما كالاختلاف في حياتهما فإن اختلفا في القدر وقال محمد يقضى بمهر المثل وقال أبو يوسف القول لورثة الزوج وإن اختلفا في الأصل يقضى بمهر المثل إذا كان النكاح ظاهرا إلا إذا أقامت ورثته البينة على إيفاء المهر أو على إقرارها به أو إقرار ورثتها به؛ لأنه كان دينا في ذمته فلا يسقط بالموت كالمسمى فإن علم أنها ماتت أولا سقط نصيبه منه وما بقي فلورثتها وله أن موتهما يدل على انقراض أقرانها فبمهر من يقدر القاضي مهر المثل كذا في الهداية، وهذا يدل على أن المسألة مصورة في التقادم فلو كان العهد قريبا قضي به وعلى أنه لو أقيمت البينة على المهر قضي بها على ورثة الزوج وقد صرح بالثاني في المحيط وشرح الطحاوي وعبارة المحيط قال أبو حنيفة لا أقضي بشيء حتى يثبت بالبينة أصل التسمية وبهذا اندفع ما علل به بعض المشايخ له من أن مهر المثل من حيث هو قيمة البضع يشبه المسمى ومن حيث إنه يجب بغير شرط يشبه النفقة والصلة فباعتبار الشبه الأول لم يسقط بموت أحدهما وباعتبار الشبه الثاني يسقط فسقط بموتهما فإنه يقتضي أنه لا تسمع البينة عليه بعد موتهما لسقوطه أصلا والمنصوص عن الإمام خلافه كما علمت، ولذا قال في فتح القدير إن تعليل الهداية أوجه وفي فتاوى قاضي خان الفتوى على قولهما وفي المحيط قال مشايخنا هذا كله إذا لم تسلم المرأة نفسها فإن سلمت نفسها ثم وقع الاختلاف في حيال الحياة أو بعد الممات فإنه لا يحكم بمهر المثل؛ لأنا نعلم أن المرأة لا تسلم نفسها من غير أن تتعجل من مهرها شيئا عادة فيقال لها لا بد أن تقري بما تعجلت وإلا قضينا عليك بالمتعارف ثم يعمل في الباقي كما ذكرنا ا هـ. وأقره عليه الشارحون ولا يخفى أن محله فيما إذا ادعى الزوج إيصال شيء إليها أما لو لم يدع فلا ينبغي ذلك وفي المحيط معزيا إلى النوادر امرأة ادعت على زوجها بعد موته أن لها عليه ألف درهم من مهرها فالقول قولها إلى تمام مهر مثلها عند أبي حنيفة؛ لأن مهر المثل يشهد لها. ا هـ. وهذا يخالف ما ذكره المشايخ سابقا وفي الخلاصة من الفصل الثاني عشر من كتاب الدعوى امرأة ادعت على وارث زوجها مهرها فأنكر الوارث يوقف قدر مهر مثلها ويقول له القاضي أكان مهر مثلها كذا أعلى من ذلك إن قالوا لا قال أكان كذا دون ما قال في المرة الأولى إلى أن ينتهي إلى مقدار مهر مثلها. ا هـ. (قوله: ومن بعث إلى امرأته شيئا، فقالت هو هدية وقال هو من المهر فالقول قوله في غير المهيأ للأكل)؛ لأنه المملك فكان أعرف بجهة التمليك كيف وإن الظاهر أنه يسعى في إسقاط الواجب إلا فيما يتعارف هدية وهو المهيأ للأكل؛ لأنه متناقض عرفا وفسر الإمام الولوالجي المهيأ للأكل بما لا يبقى ويفسد فخرج نحو التمر والدقيق والعسل فإن القول فيه قوله ا هـ. ودخل تحت غير المهيأ للأكل الثياب مطلقا فالقول فيها قوله وقال الفقيه أبو الليث المختار أن ما كان من متاع سوى ما يجب عليه فالقول له وإلا فلها كالدرع والخمار ومتاع البيت؛ لأن الظاهر يكذبه والخف والملاءة لا تجب عليه؛ لأنه ليس عليه أن يهيئ لها أمر خروجها كذا في غاية البيان وفي فتح القدير ثم كون الظاهر يكذبه في نحو الدرع والخمار إنما ينفي احتسابه من المهر لا من شيء آخر كالكسوة. ا هـ. وهذا البحث موافق لما في الجامع الصغير فإنه قال إلا في الطعام الذي يؤكل فإنه أعم من المهيأ للأكل وغيره وفيه أيضا والذي يجب اعتباره في ديارنا جميع ما ذكر من الحنطة واللوز والدقيق والسكر والشاة الحية وباقيها يكون القول فيها قول المرأة؛ لأن المتعارف في ذلك كله أن يرسله هدية. والظاهر مع المرأة لا معه ولا يكون القول له إلا في نحو الثياب والجارية، وهذا كله إذا لم يذكر وقت الدفع جهة أخرى غير المهر فإن ذكر وقال اصرفوا بعض الدنانير إلى الشمع وبعضها إلى الحناء لا يقبل قوله بعد ذلك أنه من المهر كما في القنية. وأشار المصنف إلى أنه لو بعث إليها ثوبا وقال هو من المكسوة وقالت هدية فإن القول قوله والبينة بينتها كذا في الخلاصة من كتاب الدعوى، وهذا يدل على أن البينة بينتها في مسألة الكتاب أيضا لعدم الفرق بينهما وأراد بكون القول قوله في المختصر أن يحلف فإن حلف إن كان المتاع قائما كان للمرأة أن ترد المتاع؛ لأنها لم ترض بكونه مهرا وترجع على الزوج بما بقي من المهر وإن كان المتاع هالكا إن كان شيئا مثليا ردت على الزوج مثل ذلك وإن لم يكن مثليا لا ترجع على الزوج بما بقي من المهر كذا في الخانية وهذا إذا لم يكن من جنس المهر فإن كان من جنسه وقع قصاصا كما لا يخفى وصرح في معراج الدراية أن فيما كان القول فيه قولها وهو المهيأ للأكل فإنه مع يمينها وإن كان العرف شاهدا لها. وأشار المصنف إلى أن الزوج لو بعث إليها هدايا وعوضته المرأة ثم زفت إليه ثم فارقها وقال بعثتها إليك عارية وأراد أن يسترده وأرادت هي أن تسترد العوض فالقول قوله في الحكم؛ لأنه أنكر التمليك وإذا استرده تسترد هي ما عوضته كذا في الفتاوى السمرقندية وفي فتح القدير ولو بعث هو وبعث أبوها له أيضا، ثم قال هو من المهر فللأب أن يرجع في هبته إن كان من مال نفسه وكان قائما وإن كان هالكا لا يرجع وإن كان من مال البنت بإذنها فليس لها الرجوع؛ لأنه هبة منها وهي لا ترجع فيما وهبت لزوجها ا هـ. ويفرق بين هذا وبين ما سبق أن في الأولى التعويض منها كان بناء على ظنها التمليك منه، وقد أنكره فلم يصح التعويض فلم يكن هبة منها فلها الاسترداد وفي الثانية حصل التمليك فصح التعويض فلا رجوع لها وقد يقال التعويض على ظن الهبة لا مطلقا، وقد أنكرها فينبغي أن ترجع وقيد المصنف بكونه ادعاه مهرا؛ لأنها لو ادعت أنه من المهر وقال هو وديعة فإن كان من جنس المهر فالقول قولها وإن كان من خلافه فالقول قوله وأطلق في البعث فشمل ما إذا اشترى لها شيئا بعدما بنى بها بأمرها أو دفع إليها دراهم حتى اشترت هي صرح به في التجنيس وفيه لو قالت له أنفق على مماليكي من مهري ففعل، ثم قالت لا أحسبه منه؛ لأنك استخدمتهم فما أنفق عليهم بالمعروف فهو من المهر ولو بعث إليها بقرة عند موت أبيها فذبحتها وأطعمتها فطلب قيمتها فإن اتفقا أنه لم يذكر قيمة ليس له الرجوع وإن اتفقا على ذكر الرجوع بالقيمة فله الرجوع وإن اختلفا فالقول لها واختار قاضي خان أن القول قول الزوج؛ لأنها تدعي الإذن بالاستهلاك بغير عوض وهو ينكر فالقول له كمن دفع إلى غيره دراهم فأنفقها ثم ادعى أنها قرض وقال القابض إنها هبة فالقول قول صاحب الدراهم. ا هـ. وفي فتاوى قاضي خان لو جاء إلى بيته بقطن فغزلته المرأة فإن قال اغزليه لي فهو له ولا أجر لها وإن قال اغزليه لنا فهو له ولها أجر مثلها وإن قال اغزليه فهو له وإن قال اغزليه لنفسك فهو لها وإن اختلفا، فقالت قلت: اغزليه لنفسك وكذبها فالقول قوله مع يمينه وإن نهاها عن غزله فغزلته كان لها؛ لأنها غاصبة وله عليها مثل قطنه وإن اختلفا في النهي فالقول له وإن لم ينه ولم يأذن فغزلته إن كان بياع القطن فهو لها وعليها مثل قطنه وإلا فهو له إلى آخر ما في الفتاوى وهاهنا فروع ذكروها في الفتاوى لا بأس بإيرادها فإنها مهمة الأول: لو خطب امرأة في بيت أخيها فأبى الأخ أن يدفع إليه دراهم فدفع ثم تزوجها كان للزوج أن يسترد ما دفع له. الثاني: لو خطب ابنة رجل، فقال أبوها إن نقدت إلي المهر كذا أزوجها منك ثم بعد ذلك بعث بهدايا إلى بيت الأب ولم يقدر على أن ينقد المهر ولم يزوجه فأراد أن يرجع قالوا ما بعث للمهر وهو قائم أو هالك يسترده وكذا كل ما بعث هدية وهو قائم، فأما الهالك والمستهلك فلا شيء فيه الثالث لو أنفق على معتدة الغير على طمع أن يتزوجها إذا انقضت عدتها فلما انقضت أبت ذلك إن شرط في الإنفاق التزوج كأن يقول أنفق بشرط أن تتزوجيني يرجع زوجت نفسها أو لا، وكذا إذا لم يشترط على الصحيح، وقيل لا يرجع إذا زوجت نفسها، وقد كان شرطه وصحح أيضا وإن أبت ولم يكن شرطه لا يرجع على الصحيح. والحاصل أن المعتمد ما ذكره العمادي في فصوله أنها إن تزوجته لا رجوع مطلقا وإن أبت فله الرجوع إن كان دفع لها وإن أكلت معه فلا مطلقا. الرابع مسألة الجهاز وفيه مسألتان الأولى قال في المبتغى بالغين المعجمة من زفت إليه امرأته بلا جهاز فله مطالبة الأب بما بعث إليه من الدنانير والدراهم وإن كان الجهاز قليلا فله المطالبة بما يليق بالمبعوث يعني إذا لم تجهر بما يليق بالمبعوث فله استرداد ما بعث والمعتبر ما يتخذ للزوج لا ما يتخذ لها ولو سكت بعد الزفاف طويلا ليس له أن يخاصمه بعده وإن لم يتخذ له شيء ولو جهز ابنته وسلمه إليها ليس له في الاستحسان استرداده منها وعليه الفتوى ولو أخذ أهل المرأة شيئا عند التسليم فللزوج أن يسترده؛ لأنه رشوة الثانية لو جهز بنته ثم ادعى أن ما دفعه لها عارية وقالت تمليكا أو قال الزوج ذلك بعد موتها ليرث منه وقال الأب عارية ففي فتح القدير والتجنيس والذخيرة والمختار للفتوى أن القول للزوج ولها إذا كان العرف مستمرا أن الأب يدفع مثله جهازا لا عارية كما في ديارنا وإن كان مشتركا فالقول قول الأب وقال قاضي خان وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن كان الأب من الأشراف والكرام لا يقبل قوله إنه عارية وإن كان الأب ممن لا يجهز البنات بمثل ذلك قبل قوله. ا هـ. والواقع في ديارنا القاهرة أن العرف مشترك فيفتى بأن القول للأب وإذا كان القول للزوج في المسألة الأولى فأقام الأب بينة قبلت قال في التجنيس والولوالجية والذخيرة والبينة الصحيحة أن يشهد عند التسليم إلى المرأة أني إنما سلمت هذه الأشياء بطريق العارية أو يكتب نسخة معلومة ويشهد الأب على إقرارها أن جميع ما في هذه النسخة ملك والدي عارية في يدي منه لكن هذا يصلح للقضاء لا للاحتياط لجواز أنه اشترى لها بعض هذه الأشياء في حالة الصغر فبهذا الإقرار لا يصير الأب صادقا فيما بينه وبين الله تعالى والاحتياط أن يشتري منها ما في هذه النسخة بثمن معلوم ثم إن البنت تبرئه عن الثمن. ا هـ. ومن فروع الجهاز لو زوج ابنته البالغة وجهزها بأمتعة معينة ولم يسلمها إليها ثم فسخ العقد وزوجها من آخر فليس لها مطالبة الأب بذلك الجهاز؛ لأن التجهيز تمليك فيشترط فيه التسليم ولو كان لها على أبيها دين فجهزها أبوها، ثم قال جهزتها بدينها علي وقالت بل بما لك فالقول للأب، وقيل للبنت ولو دفع إلى أم ولده شيئا لتتخذه جهازا للبنت ففعلت وسلمته إليها لا يصح تسليمها. صغيرة نسجت جهازا بمال أمها وأبيها وسعيها حال صغرها وكبرها فماتت أمها فسلم أبوها جميع الجهاز إليها فليس لإخوتها دعوى نصيبهم من جهة الأم امرأة نسجت في بيت أبيها شيئا كثيرا من إبريسم كان يشتريه أبوها ثم مات الأب فهذه الأشياء لها باعتبار العادة ولو دفعت في تجهيزها لبنتها أشياء من أمتعة الأب بحضرته وعلمه وكان ساكتا وزفت إليه أي إلى الزوج فليس للأب أن يسترد ذلك من بنته، وكذا لو أنفقت الأم في جهازها ما هو معتاد والأب ساكت لا تضمن الكل في القنية في باب تجهيز البنات وبهذا يعلم أن الأب أو الأم إذا جهز بنته ثم مات فليس لبقية الورثة على الجهاز سبيل لكن هل هذا الحكم المذكور في الأب يتأتى في الأم والجد فلو جهزها جدها ثم ماتت وقال ملكي وقال زوجها ملكها صارت واقعة الفتوى ولم أر فيها نقلا صريحا. (قوله: ولو نكح ذمي ذمية بميتة أو بغير مهر وذا جائز عندهم فوطئت أو طلقت قبله أو مات عنها فلا مهر لها، وكذا الحربيان ثم) بيان لمهور الكفار بعد بيان مهور المسلمين وسيأتي بيان أنكحتهم فقوله في غاية البيان أن هذا بيان لأنكحتهم سهو وحاصله أن نكاحهم مشروع بغير مهر وبمسمى غير مال حيث كانوا يعتقدونه عند أبي حنيفة لا فرق عنده بين أهل الذمة وأهل الحرب في دار الحرب وهما وافقاه في أهل الحرب وقالا في الذمية لها مهر مثلها إن مات عنها أو دخل بها والمتعة إن طلقها قبل الدخول وزفر أوجب مهر المثل في الكل؛ لأن الشرع وقع عاما فيثبت الحكم على العموم ولهما أن أهل الحرب غير ملتزمين أحكام الإسلام وولاية الإلزام منقطعة بتباين الدارين بخلاف أهل الذمة؛ لأنهم التزموا أحكامنا فيما يرجع إلى المعاملات كالزنا والربا وولاية الإلزام متحققة لاتحاد الدارين ولأبي حنيفة أن أهل الذمة لا يلتزمون أحكامنا في الديانات وفيما يعتقدون خلافه في المعاملات وولاية الإلزام بالسيف والمحاجة وكل ذلك منقطع عنهم باعتبار عقد الذمة فإنا أمرنا بتركهم وما يدينون فصاروا كأهل الحرب بخلاف الزنا؛ لأنه حرام في الأديان كلها والربا مستثنى من عقودهم لقوله عليه السلام: «إلا من أربى فليس بيننا وبينه عهد» أطلق في الذمي فشمل الكتابي والمجوسي وأراد بالميتة كل ما ليس بمال كالدم واختلف في قوله أو بغير مهر، فقيل المراد به ما إذا نفياه أما إذا سكتا عنه فإنه يجب مهر المثل والأصح أنه لا فرق عنده بين نفيه والسكوت عنه كما في الهداية وفي فتح القدير إن ظاهر الرواية وجوب مهر المثل عنده إذا سكتا عنه مخالفا لما في الهداية؛ لأن النكاح معاوضة فما لم ينص على نفيه يكون مستحقا لها والواو في قوله وذا جائز للحال وقوله فلا مهر جواب المسألة وضبط في غاية البيان إلا من أربى أنه حرف التنبيه لا استثناء وقيد المصنف بالمهر؛ لأن بقية أحكام النكاح ثابتة في حقهم كالمسلمين من وجوب النفقة في النكاح ووقوع الطلاق والعدة والتوارث بالنكاح الصحيح كالنسب وثبوت خيار البلوغ وحرمة نكاح المحارم والمطلقة ثلاثا كما في التبيين وظاهره أنه متفق عليه وأما الكفاءة ففي الخانية أن الذمية إذا زوجت نفسها رجلا لم يكن لوليها حق الفسخ إلا أن يكون أمرا ظاهرا بأن زوجت بنت ملكهم أو حبرهم نفسها كناسا أو دباغا منهم أو نقصت من مهرها نقصانا فاحشا كان لأوليائها أن يطالبوه بالتبليغ إلى تمام مهر المثل أو يفسخ ا هـ. وفائدة عدم المهر في هذه المسائل أنهما لو أسلما أو أحدهما أو ترافعا أو أحدهما إلينا لا نحكم به ومسألة خطاب الكفار وتفاصيلها أصولية لم تذكر عن أبي حنيفة وأصحابه، وإنما هي مستنبطة وتمامه في كتابنا المسمى بلب الأصول. (قوله: ولو تزوج ذمي ذمية بخمر أو خنزير عين فأسلما أو أسلم أحدهما لها الخمر والخنزير وفي غير العين لها قيمة الخمر ومهر المثل في الخنزير) بيان لما إذا سميا ما هو مال عندهم وليس بمال عندنا وحاصله أن التسمية صحيحة ولها المسمى فإن قبضته صح وإن لم تقبضه حتى أسلما أو أسلم أحدهما فهو على وجهين إما أن يكون ذلك المسمى معينا أو غير معين وإن كان معينا فليس لها إلا هو قيميا كان أو مثليا وإن كان غير معين فلها القيمة في المثلي ومهر المثل في القيمي، وهذا كله عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف لها مهر المثل في الوجهين وقال محمد لها القيمة في الوجهين وجه قولهما إن القبض مؤكد للملك في المقبوض فيكون له شبه بالعقد فيمتنع بسبب الإسلام كالعقد وصار كما إذا كانا بغير أعيانهما وأما إذا التحقت حالة القبض بحالة العقد فأبو يوسف يقول لو كانا مسلمين وقت العقد يجب مهر المثل فكذا هنا ومحمد يقول صحت التسمية لكون المسمى مالا عندهم إلا أنه امتنع التسليم للإسلام فيجب القيمة كما إذا هلك العبد المسمى قبل القبض ولأبي حنيفة أن الملك في الصداق المعين يتم بنفس العقد ولهذا يملك التصرف فيه وبالقبض ينتقل من ضمان الزوج إلى ضمانها وذلك لا يمتنع بالإسلام كاسترداد الخمر المغصوب وفي غير المعين القبض موجب ملك العين فيمتنع بالإسلام بخلاف المشتري؛ لأن ملك التصرف إنما يستفاد فيه بالقبض وإذا تعذر القبض في غير المعين لا تجب القيمة في الخنزير؛ لأنه من ذوات القيم فيكون أخذ قيمته كأخذ عينه ولا كذلك الخمر؛ لأنه من ذوات الأمثال، ألا ترى أنه لو جاء بالقيمة قبل الإسلام تجبر على القبول في الخنزير يردون الخمر ولو طلقها قبل الدخول بها فمن أوجب مهر المثل أوجب المتعة ومن أوجب القيمة أوجب نصفها وفي الغاية ويرد على هذا ما لو اشترى ذمي دارا من ذمي بخمر أو خنزير وشفيعها مسلم يأخذ بالشفعة بقيمة الخمر والخنزير فلم تجعل قيمة الخنزير كعينه ولم يجب عنه بشيء وأجاب عنه في التبيين أن قيمة الخنزير إنما تكون كعينه أن لو كان بدلا عن الخنزير كما في مسألة النكاح أما لو كان بدلا عن غيره فلا وفي مسألة الشفعة قيمة الخنزير بدل عن الدار المشفوعة، وإنما صير إليها للتقدير بها لا غير، فلا يكون لها حكم عينه وأفاد بقوله لها في المعين المسمى أنه لو كان طلقها قبل الدخول فإن لها نصفه والله تعالى أعلم.
|